يشهد العالم اليوم تحولاً رقمياً هائلاً في مختلف المجالات، ومن بين هذه المجالات مجال خدمة دعم العملاء. فمن خلال الاستفادة من التقنيات الرقمية يمكن للشركات تحسين تجربة العملاء وتقديم خدمة دعم أفضل وأكثر فعالية.
التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء يتضمن استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والتعلم الآلي والروبوتات، وعندما يتم تطبيق هذه التقنيات بشكل صحيح فإنه يمكِّن الشركات من تحسين جودة خدمة الدعم وتقليل الوقت اللازم لتقديم الدعم وتحسين رضا العملاء. بحسب ماكينزي فإن المؤسسات التي تنجح بتطبيق التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء قادرة على زيادة رضا العملاء بنسبة تصل إلى 20% وتقليل تكلفة الخدمة بنسبة تصل إلى 40% وزيادة معدلات التحويل والنمو بنسبة 20%.
ومع ذلك فحتى يتم التأثير على تجربة العملاء وتحسينها حقاً فإن المؤسسات تحتاج إلى المضي أبعد من مجرد شراء منتج، إذ تبين أبحاث أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية أن 70% من جهود التحول الرقمي تفشل، وذلك غالباً لأسباب تتعلق بالتنفيذ أكثر من تعلقها بالحلول الفعلية نفسها.
سنمضي في هذه المقالة للحديث عن كافة جوانب التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء بما في ذلك أهميته والمزايا التي يقدمها وأفضل الممارسات العملية لتطبيقه والتحديات التي تواجهه وكيفية التغلب عليها.
Table of Contents
كيف يمكن للتحول الرقمي أن يساعد في مجال خدمة دعم العملاء؟
إن تبني التحول الرقمي يتضمن تحولاً في ثقافة الشركة، وسيكون من الأفضل أن تبدأ بوضع رحلات العملاء في طليعة استراتيجيات العمل. سواء كنت تركز على الأعمال بين الشركات (B2B) أو الأعمال بين الشركة والعملاء (B2C) فإن توقعات العملاء سترتفع مع تطور التكنولوجيا، والتوقعات الحالية لعملائك في الظروف التكنولوجية الراهنة قد تتضمن ما يلي:
- تفاعلات سريعة وسهلة لأول مرة عبر الإنترنت: فالمستهلكون ينفقون الآن أموالاً أكثر عبر الإنترنت على مختلف عمليات الشراء، والتحول الرقمي يساعد أعمالك على إنشاء أول تفاعل مع عملائك عبر الإنترنت. وبالتالي فإن تطوير رحلة عميل تحقق أعلى قدر من الراحة أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح، حيث يتوقع العملاء حصولهم على الدعم عبر الدردشة المباشرة والخدمة المبسطة والرسائل الواضحة لمساعدتهم على فهم أعمالك بشكل أفضل.
في العصر الرقمي يريد العملاء خدمات تُكمل المعاملات دون تأخير، وقد ذكرت مجلة فوربس أن متوسط مدى انتباه العميل هو ثماني ثوانٍ فقط! لذلك فإنك بحاجة إلى التأكد من تحقيق أقصى استفادة من ذلك الوقت قبل أن يستسلم ويجرب أحد منافسيك.
- يتوقع العملاء خدمة موحدة عبر جميع القنوات: يريد عملاء اليوم تجربة قوية ومبسطة بغض النظر عن قناة الاتصال التي تربطهم بك، وينبغي على أعمالك أن تكون موجودة ومتاحة على جميع الوسائل والقنوات الإلكترونية المتوقعة من الدردشات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وما إلى ذلك. ستلاحظ أن أجزاء متمايزة من قاعدة عملائك تفضل التواصل معك بشكل مختلف، وقد يؤدي استخدام طريقة أو طريقتين فقط للتواصل إلى الإضرار بمستويات رضا العملاء.
تعرف أكثر على رحلة العميل وعلى كيفية رسم خريطة رحلة العميل.
بناءً على هذا يمكن للتحول الرقمي أن يساعد في مجال خدمة العملاء بشكل كبير، فعندما تتبنى الشركات تقنيات الرقمنة وتستخدمها بشكل صحيح فإن هذه التقنيات يمكن أن تحقق لها تحسين جودة خدمة الدعم وتعزيز رضا العملاء. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن للتحول الرقمي أن يساعد في مجال خدمة العملاء:
- تحسين تواصل العملاء: يمكن للتحول الرقمي أن يساعد في تحسين تواصل العملاء مع خدمة الدعم، فعندما تتبنى الشركات التقنيات الحديثة مثل الدردشة الحية والبريد الإلكتروني والوسائط الاجتماعية فإنه يمكنها التواصل مع العملاء بشكل أسرع وأكثر فعالية.
- تحسين جودة الدعم: عندما تتبنى الشركات تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والتعلم الآلي والروبوتات فإنه يصبح بإمكانها تحليل البيانات وتحديد المشاكل الشائعة وتحسين جودة الدعم.
- توفير خدمة دعم على مدار الساعة: عند استخدام التقنيات الحديثة مثل الروبوتات والمحادثات الآلية يصبح بإمكان الشركات تقديم خدمة دعم متوفرة على مدار الساعة دون الحاجة إلى وجود موظفين يعملون في ورديات متعددة.
- تحسين تجربة العملاء: عند استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الكبيرة يصبح بإمكان الشركات تحليل تفاصيل تفاعل العملاء وتعزيز تجربتهم الشخصية.
- تقليل التكاليف على المدى الطويل: باستخدام تقنيات مثل الروبوتات والمحادثات الآلية يمكن للشركات تقليل الحاجة إلى موظفين وتوفير المال اللازم لتدريبهم وتجهيزهم بالأدوات اللازمة.
بالمجمل يمكن للتحول الرقمي أن يحسن كافة جوانب جودة خدمة العملاء بدءاً من تحسين جودة الدعم وتقليل وقت الانتظار وتوفير خدمة دعم على مدار الساعة وصولاً إلى تحسين تجربة العملاء وتقليل التكاليف، إلا أنه يجب أن يتم تطبيق رقمنة خدمة دعم العملاء بشكل صحيح والاستفادة الكاملة منها لتحقيق هذه المزايا، ويجب أن يتم تدريب موظفي خدمة العملاء على استخدام هذه التقنيات والتفاعل مع العملاء بطريقة فعالة ومهنية.
ما هي أفضل الممارسات لتطبيق التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء؟
هناك العديد من الممارسات التي يمكن اتباعها لتطبيق التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء، ومن بينها:
- تحليل البيانات: يجب أن تكون الشركات قادرة على تحليل البيانات بشكل فعال لتحديد المشاكل الشائعة وتحديد أفضل الحلول الرقمية لتلبية احتياجات العملاء.
- تحسين تجربة العملاء: يجب أن تتمكن الشركات من توفير تجربة شخصية ومخصصة لكل عميل وذلك من خلال تقديم خدمات دعم أفضل وأسرع وأكثر فعالية.
- استخدام التقنيات الحديثة: يمكن للشركات استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والتعلم الآلي والروبوتات لتحسين جودة الخدمة وتحسين تجربة العملاء.
- توفير قنوات اتصال متعددة: يجب على الشركات توفير قنوات اتصال متعددة مثل البريد الإلكتروني والدردشة الحية والوسائط الاجتماعية والهواتف الذكية والرسائل النصية لتلبية احتياجات العملاء.
- توفير التدريب: يجب على الشركات توفير التدريب اللازم للعاملين على استخدام التقنيات الحديثة والتعامل مع العملاء بشكل فعال ومهني.
- تحسين الشفافية: يجب على الشركات تحسين الشفافية في عملياتها وتقديم معلومات دقيقة للعملاء وذلك من خلال توفير معلومات مفصلة عن المنتجات والخدمات وعمليات الشراء والشحن.
- تقييم الأداء: يجب على الشركات تقييم أدائها بشكل دوري وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وذلك من خلال استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية وتحليل ردود فعل العملاء.
بتطبيق هذه الممارسات بالتماشي مع استراتيجية التحول الرقمي في الشركة يمكن تحسين تجربة العملاء كثيراً والمضي قدماً نحو تعزيز رضا العملاء.
ما هي تحديات التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء؟
رغم أن التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء يقدم كثيراً من الفوائد والمزايا للشركات والعملاء إلا أنه يشكل أيضاً تحديات ومخاطر كبيرة لتجربة العملاء، وفيما يلي أبرز التحديات والمخاطر للتحول الرقمي لتجربة العملاء وكيفية التغلب عليها:
- التوفيق بين الإستراتيجية والثقافة: إذ يتطلب التحول الرقمي رؤية واضحة وأهدافاً وخارطة طريق تتماشى مع احتياجات العملاء وتوقعاتهم وتفضيلاتهم، كما أنه يتطلب ثقافة تدعم التعاون والتجريب والتعلم والتكيف، ومع ذلك فإن العديد من المؤسسات تواجه المقاومة والأنظمة القديمة والعمليات الصارمة التي تعيق جهود التحول الرقمي. للتغلب على هذا التحدي يحتاج القادة إلى إيصال قيمة وهدف التحول الرقمي وإشراك الموظفين وتمكينهم وتعزيز عقلية تتمحور حول العملاء في جميع أنحاء المؤسسة.
- إدارة البيانات والخصوصية: فالبيانات هي وقود التحول الرقمي لأنها تتيح الرؤى والتخصيص والأتمتة والابتكار، ومع ذلك تأتي البيانات أيضاً مع مخاطر مثل الانتهاكات الأمنية وقضايا الامتثال للقوانين والمعضلات الأخلاقية وعدم ثقة العملاء، حيث يتزايد وعي العملاء وقلقهم بشأن كيفية جمع بياناتهم واستخدامها ومشاركتها من قِبل العلامات التجارية. للتغلب على هذا التحدي تحتاج المؤسسات إلى تنفيذ سياسات وممارسات قوية لإدارة البيانات والأمن والأخلاقيات، كما تحتاج أيضاً إلى الشفافية والاحترام والمساءلة عن إجراءات البيانات التي تحصل عليها وتزويد العملاء بالاختيارات وتمكينهم من التحكم ببياناتهم.
- تقديم تجارب عملاء سلسة ومتسقة: أحد أهم التحديات أمام التحول الرقمي في مجال تجربة العملاء يتمثل في تقديم تجارب سلسة ومتسقة عبر قنوات وأجهزة ونقاط اتصال متعددة، إذ يتوقع العملاء أن يتفاعلوا مع العلامات التجارية في أي وقت وفي أي مكان وبأية طريقة يريدون، وبالمقابل فإن المؤسسات التي تسعى نحو تحقيق التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء تكافح لدمج وتنظيم منصاتها وأنظمتها وعملياتها الرقمية لإنشاء رحلة عميل موحدة ومتماسكة. للتغلب على هذا التحدي تحتاج المؤسسات إلى اعتماد نهج تصميمي يركز على العملاء وإلى الاستفادة من البيانات والتحليلات لفهم سلوك العملاء وتفضيلاتهم، وتحتاج كذلك إلى تحسين قدراتها الرقمية وأدائها.
- الموازنة بين التفاعلات البشرية والرقمية: فمن جهة يمكن للتحول الرقمي أن يعزز تجربة العملاء من خلال توفير الراحة والسرعة والكفاءة والابتكار، ومن جهة أخرى فإنه يمكن أن يقلل أيضاً من جودة تجربة العملاء من خلال خلق الإحباط والارتباك والعزلة وعدم الرضا، ولهذا يجب أن يبقى العملاء قادرين على إجراء التفاعلات البشرية وخاصةً عندما يحتاجون إلى دعم عاطفي أو توجيه أو قرار. للتغلب على هذا التحدي تحتاج المؤسسات إلى فهم احتياجات العملاء والسياقات المختلفة وتصميم حلولها الرقمية وفقاً لذلك، كما تحتاج أيضاً إلى تدريب وكلائها البشريين وتمكينهم لاستكمال قنواتها الرقمية وزيادتها وتوفير التعاطف والثقة والقيمة للعملاء.
- التكيف مع توقعات العملاء المتغيرة: يمكن للتحول الرقمي أن يخلق فرصاً وإمكانيات جديدة لتجربة العملاء، إلا أنه يمكنه أيضاً رفع المستوى وإنشاء متطلبات وضغوط جديدة. إذ يتعرض العملاء باستمرار لتقنيات واتجاهات وخبرات جديدة من مختلف الصناعات والقطاعات ويتوقعون من العلامات التجارية مواكبة ذلك وتقديمه. للتغلب على هذا التحدي تحتاج المؤسسات إلى مراقبة احتياجات العملاء وتفضيلاتهم وتوقعها والابتكار المستمر وتحسين العروض والتفاعلات الرقمية، كما تحتاج أيضاً إلى طلب تعليقات العملاء والعمل وفقاً لها والمشاركة في خلق قيمة مع العملاء.
- قياس النتائج وتحسينها: إذ يمكن أن ينتج عن التحول الرقمي كثير من البيانات والمقاييس، لكنها ليست جميعها ذات صلة أو ذات مغزى لتجربة العملاء، ولهذا تحتاج المؤسسات إلى تحديد وتتبع المؤشرات الصحيحة التي تعكس تأثير وقيمة مبادرات التحول الرقمي لديها على رضا العملاء وولائهم والاحتفاظ بهم، وهي تحتاج أيضاً إلى استخدام البيانات والرؤى لتقييم وتحسين استراتيجياتها وعملياتها وحلولها الرقمية والتأكد من توافقها مع أهداف وتوقعات عملائها.
- تحديات أخرى تقنية ومالية ومتعلقة بمهارات الموارد البشرية:
- تكاليف التحول: إذ يمكن أن يكون التحول الرقمي مكلفاً بالنسبة للمؤسسات، حيث يتطلب توظيف الموارد والتكنولوجيا الحديثة وتدريب الموظفين على استخدامها.
- تحديات التكنولوجيا: تتغير التقنيات بسرعة كبيرة مما قد يشكل تحدياً للمؤسسات التي تسعى إلى التحول الرقمي، فالتحول الرقمي يتطلب التكيف مع التغييرات الجديدة في التكنولوجيا والابتكارات الجديدة.
- توافر المهارات: يتطلب التحول الرقمي مهارات جديدة في مجالات مثل تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والتسويق الرقمي وغيرها، وهذا يمكن أن يكون تحدياً للمؤسسات التي تفتقر إلى هذه المهارات في فريقها.
- تكامل الأنظمة: يمكن أن يشكل هذا تحدياً للمؤسسة من حيث ربط النظم القديمة بالنظم الجديدة، وهذا يمكن أن يؤثر على تجربة العملاء وكفاءة العمليات.
خاتمة
إحدى أهم خطوات التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء هي أن تتبنى الشركات استراتيجية شاملة من أجل رقمنة خدمة دعم العملاء. ويجب أن تكون هذه الاستراتيجية شاملة ومتكاملة تتضمن التدريب على استخدام التقنيات الجديدة وتحديد الموظفين الذين يمكنهم العمل بهذه التقنيات بشكل فعال، فهذه الخطوة تساعد كثيراً في معرفة تطلعات العملاء والتماشي معها لتحسين تجربة العملاء وتحقيق رضاهم.
وفي النهاية يمكن القول إن التحول الرقمي في مجال خدمة دعم العملاء يمثل فرصة كبيرة للشركات لتحسين جودة خدمة الدعم وتحسين تجربة العملاء، وعندما يتم تطبيق هذه التقنيات بشكل صحيح فإنه يمكن للشركات تحقيق مزايا تنافسية كبيرة في السوق.