ما هو التغيير التنظيمي؟ مفهوم وأنواع وخطوات وأمثلة
  • May 7, 2024

دليل التغيير التنظيمي باستخدام قوانين نيوتن

«تميل كل الأجسام للحفاظ على موقعها.» يمكنك توسيع قانون إسحاق نيوتن الأول في الفيزياء هذا ليشمل علم النفس والإدارة وكذلك استخدامه أكثر من أي شيء آخر في التغيير التنظيمي. بالطبع لا أحد يعارض الاستقرار، لكن الأمور لا تسير دائماً وفقاً للخطة، مما يضطرك إلى إجراء تغييرات. وحسب قانون نيوتن الثاني فإن «إحداث التغيير يحتاج إلى تطبيق قوة»، لكن من المؤكد أن هذه التغييرات ليست محايدة، وكما يطرح قانون نيوتن الثالث فإن «لكل فعل رد فعل» وعليك أن تكون قد توقعت عواقب تغييراتك بذكاء. هذه المقالة هي دليل لتطبيق القوة من أجل إجراء التغييرات في المنظمة وكيف ومتى يتم القيام بذلك وزيادة احتمالية النجاح.

ما هو التغيير التنظيمي؟

إن تعريف التغيير التنظيمي هو بالضبط ما تتوقعه من الجمع بين هاتين الكلمتين، لكن دعنا نراجع ذلك من مصدر موثوق، هارفارد بيزنس ريفيو تعرِّف التغيير التنظيمي على النحو التالي:

«يشير التغيير التنظيمي إلى الإجراءات التي تقوم من خلالها الشركة أو الأعمال التجارية بإجراء تحولات على أجزاء رئيسية من منظمتها مثل ثقافة تلك المنظمة أو التقنيات أو البنية التحتية المستخدمة أو إجراءات العمل الداخلية.»

ما هي المنظمات التي تحتاج إلى التغيير؟

يتم إجراء التغيير التنظيمي في المؤسسات لأسباب مختلفة ، وأحياناً هذه التغييرات تعني تحولاً أقرب وأحياناً تتضمن إجراءات أصغر، ولهذا السبب فإننا يجب أن ننظر في التغييرات التي تطرأ على المنظمة باعتبارها طيفاً واسعاً، وبهذا فإننا نصنف أسباب التغيير التنظيمي من كبير إلى صغير.

التغييرات التكيفية: إحدى سمات هذا الطيف هو التغييرات التكيفية، وفي أكثر حالاته تطرفاً فإن هذا الشكل من التحول عادةً ما يركز على التصحيح أو التحسين، وتغيير الطرق من أجل العثور على حلول للمشاكل يندرج ضمن هذه الفئة، فعلى سبيل المثال تُعد إزاحة ساعات استراحة غداء الموظفين بهدف زيادة الإنتاجية مثالاً على هذا النوع من التغييرات.

التغييرات التحوُّلية: هذه التغييرات أساسية وعادةً ما تفرض على المنظمة كثيراً من الوقت والتكلفة، ولهذا فإنه لا يتم استخدامها عادةً إلا عندما يكون أساس شركة الأعمال مهدداً، فعلى سبيل المثال كانت شركة كوداك المنتجة لأفلام تصوير فوتوغرافية تماثلية بحاجة إلى تغيير ثوري مع تقدم التكنولوجيا، وهو تغيير لم يحدث ودمر شركة كوداك.

فيما يلي أمثلة عن محركات التغيير التنظيمي، وقد تحتاج في كل منها إلى تغييرات جزئية أو كلية. بالطبع لا تنسَ أنه من المستبعد أن تتبع المسار الذي اتخذه الآخرون بالضبط وأن تتوصل إلى نتيجة، فكل منظمة تحتاج إلى وصفة التحول الخاصة بها.

التغيير في الإدارة

مهما كنت تعتقد أن بنية منظمتك قائمة على وثائق متميزة أو استراتيجيات فإن التغيير في الإدارة قد يتسبب في حدوث تحول، فعلى سبيل المثال يمكنك مشاهدة أكثر أنواع هذه التغييرات حدة في المؤسسات الحكومية بعد كل دورة انتخابات رئاسية أو انتخابات إدارة محلية، وعادةً ما يترافق التغيير في الإدارة مع تغيير في المنظمة، وقد تحدث هذه التغييرات إما في البنية بأكملها أو في تصحيح الممارسات والأهداف والرؤى.

الإخفاقات المتتالية

لا بد من التغيير التنظيمي في الشركات التي تواجه الإخفاق باستمرار أو التي لا تصل إلى أهدافها المحددة مسبقاً، وفي مثل هذه الحالات إذا لم تقم بإبداء مرونة للتغيير فسوف تفشل بسهولة شديدة. فعلى سبيل المثال يؤدي الافتقار إلى هذه المرونة إلى جعل إدارة التغيير في المؤسسات الحكومية معقدة بل ومستحيلة حتى في بعض الأحيان. التغيير التنظيمي بسبب الفشل عادةً ما يتم عن طريق إجراء تقنلات في المناصب الإدارية وإعادة تعريف المسؤوليات وتوسيع الموارد البشرية أو تقليصها واستخدام استراتيجيات مختلفة وما إلى ذلك.

الاستياءات المتكررة

إن التوترات بين صاحب العمل والموظفين وحتى بين الموظفين أنفسهم ستنتهي في النهاية إلى الاستياء وعدم الرضا، حيث أن إحدى الواجبات الأساسية للموارد البشرية هي رصد انتماء الموظفين بدقة وتقييمه، وإذا أظهرت نتائج هذه الاستطلاعات علامةً على عدم الرضا فيجب على المرء أن يفكر بإجراء التغيير التنظيمي.

التقدم التكنولوجي

يمكن أن تؤدي سرعة التطور في عالم التكنولوجيا إلى إفلاس الشركات بقدر ما يمكن أن تجعلها تنمو، وكمثال ضع باعتبارك كيف تم إقصاء صانعي العربات الخشبية من دورة الأعمال الحية في العالم منذ مائة عام بشكل تدريجي لكن بشكل كامل. بالإضافة إلى كونه شرطاً ضرورياً للبقاء فإن احتضان التقدم التكنولوجي سيكون فرصة جيدة لتحسين وضع أية منظمة.

التغيرات الاقتصادية والسياسية في السوق

هناك العديد من الجهات الفاعلة في صنع القرار في السوق، ولهذا فإن أية إرادة وتصميم في لحظة ما قد يغيران قواعد لعبة السوق. إن سرعة العمل وديناميكية المنظمات للتكيف مع الظروف الجديدة ستكون ممكنة من خلال مسار التغييرات التنظيمية، فعلى سبيل المثال كانت العقوبات الدولية ووباء كورونا والصراعات السياسية والنزاعات الدولية أشياءً دمرت حتى الآن صناعات قوية أو جعلت كثيراً من الناس من أصحاب المليارات.

إجراءات المنافسين وإعادة تموضعهم

في بعض الأحيان ستبقى بحاجة إلى نظرة تحوُّلية على منظمتك حتى بعد اجتياز جميع العقبات المذكورة أعلاه والموافقة على العديد من التغييرات، فعلى سبيل المثال لنفترض أن منظمتك واحدة من بائعي الجولات السياحية إلا أنك في غمضة عين سترى أن أشهر شركة في مجال سيارات الأجرة عبر الإنترنت قد دخل إلى هذا التخصص وجذب نسبة كبيرة من عملائك، وهنا لا بد لك من التغيير التنظيمي، وفي بعض الأحيان تريد أنت بنفسك تغيير موضعك وإجراء التغييرات بحثاً عن مزيد من الأرباح.

أنواع التغييرات في المنظمة

لدى المنظمات أنظمة معقدة ويجب أن ترضي المساهمين والموظفين والموردين والعملاء وبالطبع المجتمع الذي توجد فيه طوال فترة عملها، وأي استياء لدى أيٍّ من هذه المجموعات يتطلب إجراء تغيير، ونظراً لاختلاف التغييرات التنظيمية التي تلبي احتياجات كلٍّ من هذه المجموعات فإن نوعها سيكون فريداً أيضاً، ومع هذا فإنه يمكن تصنيف التغييرات بشكل عام بناءً على مفاهيم شكل التغيير ونتائج التغيير وعملية التغيير. يقدم الباحثون في مجال الإدارة تصنيفاتهم لجميع أنواع التغييرات في المنظمة، وسنذكر فيما يلي ثلاث تصنيفات في هذا المجال.

تصنيف مايكل أرمسترونج ذو السبع فئات

يقسم مايكل أرمسترونج – مؤلف الكتب الشهير في مجال الموارد البشرية – التغييرات إلى سبع فئات.

أنواع التغيير التنظيمي من وجهة نظر مايكل آرمسترونغ

  1. التغييرات المتزايدة (Increasing Changes)

التغييرات المتزايدة تتم على شكل خطوات صغيرة ويتم إجراؤها لفهم الوضع الحالي بشكل أفضل، ولهذا فإنه يتم إجراؤها على المستويات التنفيذية وغالباً ما يتم استخدامها في المجالات الاستراتيجية.

  1. التغييرات التحوُّلية (Transforming Changes)

هذه التغييرات أساسية وتغيِّر بنية المنظمة وطبيعتها، وعادةً ما تتم بسبب تغيير جذري في أي جزء من المنظمة أو النظام البيئي الذي تعمل فيه الشركة. إن أشياء مثل إنتاج منتج جديد والضغط المفاجئ من المنافسين هي من محركات التغييرات التحوُّلية والتي يجب إجراؤها وتوجيهها من قبل مجموعة إدارة خبيرة بسبب طبيعتها.

  1. التغييرات الاستراتيجية (Strategic Changes)

التغييرات الإستراتيجية في المنظمات تشمل طيفاً واسعاً من التحولات ويجب إجراء تخطيط طويل الأمد لها، وبالإضافة إلى هذا فإن التغييرات الاستراتيجية تتطلب تحليلات عميقة وشاملة.

  1. التغييرات التنظيمية (Organizational Changes)

تتعامل التغييرات التنظيمية مع بنية المنظمة وكيفية عملها، حيث يشكل نظام تقسيم الواجبات والمسؤوليات ومركزية أو لامركزية الأنشطة والإدارة ومراقبة الموظفين والتعاون فيما بينهم بعضاً من الأشياء التي قد تتغير في التغييرات التنظيمية.

  1. التغييرات في الأنظمة والعمليات (Changes in Systems and Processes)

إذا قامت المنظمة بإجراء تغيير أو تصحيح في طريقة عمل الموظفين تكون قد حدثت تغييرات في الأنظمة والعمليات. المثال الأشهر في هذا المجال هو الاهتمام بالأتمتة والتحولات الرقمية الأخرى في المنظمات.

  1. التغييرات الثقافية (Cultural Changes)

الثقافة التنظيمية يجب أن تضمن بيئة ملائمة للموظفين حتى يتحسن أداؤهم. إن أشياء مثل تداخل قيم المنظمة مع التغيرات البيئية وعدم الاستعداد لدخول الأسواق الكبيرة والنمو السريع للمنظمات الصغيرة هي بعض أسباب خلق التغييرات الثقافية.

  1. التغييرات السلوكية (Changes in Behavior)

في بعض الأحيان يكون من الضروري لموظفي المنظمة إعادة تعريف مسؤولياتهم كأفراد أو مجموعات ومراجعة الأهداف، وفي هذه الحالة يكون قد تم إجراء تغييرات سلوكية. تتمحور التغييرات السلوكية حول الأشخاص وسيتم إجراؤها لتحسين أداء الأشخاص.

تغييرات أكرمان الثلاثية

تقسم الدكتورة ليندا أكرمان – المؤسسة المشاركة لشركة Being First (التي هي إحدى أشهر شركات إجراء التغيير التنظيمي في العالم) – هذه التغييرات إلى ثلاث فئات:

أنواع التغيير التنظيمي من وجهة نظر أكرمان

التغييرات التنموية: هذه التغييرات تعزز أو تصلح الإجراءات الحالية في المنظمة وعادةً ما تركز على تحسين المهارات والعمليات.

التغييرات الاستبدالية: إذا قامت المنظمة باستبدال إجراءٍ أو منتج بإجراء أو منتج جديد فإنها قد قامت بإحداث تغيير استبدالي، وهذه التغييرات تتم خطوة بخطوة وتكون مبرمجة مسبقاً ويتم تنفيذها على ثلاث مراحل هي إلغاء التجميد والانتقال وإعادة التجميد.

التغييرات التحوُّلية: التغييرات التحولية جذرية وأساسية وتجري تحولات في بنية المنظمة وعملياتها وثقافتها واستراتيجيتها.

مصفوفة تغيير نادلر وتوشمان

ديفيد نادلر ومايكل توشمان – الأستاذان في جامعة بيركلي وجامعة هارفارد – يقسمان التغييرات التنظيمية بشكل عام إلى فئتين: التغييرات الاستراتيجية والمفاجئة (Strategic) والتغييرات التراكمية (Incremental). ومن زاوية أخرى يمكن تصنيفها أيضاً إلى فئتين: تغييرات استباقية (Anticipatory) وتغييرات تفاعلية (Reactive)؛ ولهذا فإن المصفوفة التالية يمكن أن توضح أنواع التغييرات التنظيمية بشكل جيد.

مراحل التغيير والخطوات الخمس للتحول التنظيمي

يتطلب التغيير التنظيمي برنامجاً مفصلاً ومنظماً بحيث تزداد أهمية هذا البرنامج كلما أصبحت التغييرات أعمق وأوسع، ومع هذا فمثل أي برنامج آخر فإن التغييرات تبدأ من نقطة وتنتهي عند نقطة، وفي غضون ذلك فإن الانتباه إلى بعض النقاط سيعزز فعالية هذا البرنامج.

خطوات إجراء التغيير التنظيمي

  1. تحضير المنظمة للتغيير

قبل بدء التغييرات يجب أن تكون المنظمة جاهزة للتغيير من حيث الإمكانات والثقافة التنظيمية، وفي مرحلة التحضير يجب على المدير أو المسؤول المعني أن يشرح أسباب التغيير التنظيمي بأمانة للأعضاء، ويجب أن يبدأ إبلاغ الموظفين بتوصيف الوضع الراهن للمنظمة وإطلاع جميع الأشخاص على التحديات المحتملة في عملية التغيير التنظيمي من خلال تقديم تقرير، ولتوضيح هذا الموقف يمكنك استخدام استبيان نبض الموظفين. لا تنسَ أنه ليست لدى الناس رغبة كبيرة في التغيير من الناحية النفسية، وإن لم يقتنعوا فسوف يقاومون أي تغيير.

  1. تشكيل رؤية وبرنامج التغيير التنظيمي

بعد أن تكون المنظمة جاهزة لإجراء التغييرات فإنه يجب على المدراء أن يقدموا برنامجاً واقعياً وقابلاً للتنفيذ، يجب على هذا البرنامج أن يتضمن ما يلي:

    • الأهداف الاستراتيجية: ما هي أهداف هذه التغييرات؟
    • مؤشرات الأداء الرئيسية: كيف سيتم قياس نجاح البرنامج؟ بناءً على أية معايير سيتم تقييم الوضع الراهن وما هو وضع هذه المعايير؟
    • تحديد المسؤوليات: من يشرف على إجراء التغييرات؟ ما هو واجب كل شخص في هذا البرنامج؟
    • حدود البرنامج: ما هي الخطوات والإجراءات التي سيتم اتخاذها خارج هذا البرنامج؟ ما هو نطاق إجراءات التغيير؟
  1. تنفيذ التغييرات

بعد تشكيل البرنامج يجب إجراء التغييرات بناءً على الخطوات المحددة، وبما أن الدخول في التغييرات يعني الدخول إلى عالم معروف بشكل أقل فإن احتمال مواجهة تحديات غير متوقعة لن يكون مستبعداً، ولهذا فإن وجود المدراء أثناء تنفيذ البرنامج هو أمر ضروري، وبالإضافة إلى هذا فإنه يجب رصد جميع أعضاء الفريق عقلياً وثقافياً تحت إشراف مدرائهم.

  1. إدخال التغييرات في ثقافة المنظمة وإجراءاتها

هناك دائماً إمكانية للعودة إلى الوضع السابق بعد إجراء التغييرات، وعلى وجه الخصوص فإنه من المرجح أن تكون طرق أداء العمل والاستراتيجيات والأهم من ذلك نظرة الناس للمستقبل والأهداف الجديدة قابلةً لأن تكون رجعية، وفي حال تم تنفيذ التغييرات في ثقافة الشركة وإجراءاتها بشكل صحيح فمن المحتمل أن تنخفض هذه القابلية الرجعية.

  1. دراسة وتحليل النتائج

إن مجرد تطبيق التغييرات لا يعني النجاح أبداً، ويجب أن تقوم المجموعة المسؤولة عن التغيير التنظيمي بدراسة النتائج بدقة وإبلاغ نتائج هذه الدراسة إلى المدراء وجميع الأعضاء، كما أن توثيق التحديات والإجراءات المتخذة سيكون مفيداً في رسم خرائط طريق للتغييرات المستقبلية.

الفرق بين التغيير التنظيمي وإدارة التغيير

عادةً ما يتم استخدام إدارة التغيير والإدارة التنظيمية معاً مما يعني أنه كلما تم التخطيط لتغيير في منظمة ما فإن تنفيذ برنامج التغير خطوة بخطوة هو المرور بمراحل إدارة التغيير. باختصار فإن إدارة التغيير هي التخطيط وتوجيه الموظفين ومتابعة تنفيذ تلك الخطة، ومن ناحية أخرى وبنظرة علمية أكثر فإن التغيير التنظيمي يشير إلى التحول ولا يؤكد على العمليات؛ ولهذا ستكون الخطوات أكثر دقة. لدى إدارة التغيير نماذج مختلفة، فعلى سبيل المثال يمكنك استخدام نموذج أدكار (ADKAR)، لكن كل هذه النماذج هي في النهاية شكل من أشكال الخطوات التالية:

خطوات إدارة التغيير

  1. الخطوة الأولى هي تحديد سبب إجراء التغييرات، إذ يجب شرح هذا السبب بشكل كامل لجميع الأعضاء حتى لا تتشكل مقاومة للتغيير، وبالإضافة لذلك يجب تحديد معايير النجاح وإبلاغها من قِبل فريق الإدارة.
  2. تحديد الوضع الراهن هو الخطوة التالية، حيث يجب أن تبدأ إدارة التغيير يتوضيح دقيق للوضع الحالي بحيث يتم تقييم جميع الجوانب، وللحصول على نتائج أفضل في التحولات الكبيرة عليك محاولة إجراء التغيرات بشكل اختباري حتى لا تتفاجأ بالتداخلات المحتملة، وبالإضافة لذلك فإنه من الأفضل تقييم مدى استعداد الموظفين للتغيير.
  3. تصميم سير العمل هو الخطوة الثالثة، فإدارة التغيير دون تحديد المهام والمسؤوليات والموقف لن تؤدي إلا إلى الفشل.
  4. تمكين الفريق والتجهيزات المطلوبة هي الخطوة التالية من إدارة التغيير، فالتغيير يتطلب رأس مال مالياً وبشرياً، ويجب أن تكون إدارة التغيير جاهزة لتلبية هذه الاحتياجات قبل البدء، فعلى سبيل المثال قد تحتاج إلى أدوات تقييم واستبيانات إلكترونية للمضي قدماً برؤية واقعية.
  5. في هذه الخطوة الخامسة يتم تنفيذ التغيير، وإدارة التغيير مسؤولة عن مراقبة الإجراءات وحل المشاكل وتقدير التحسينات. يتم في هذه المرحلة تلقي وتطبيق الملاحظات من الموظفين.
  6. إجراء التغييرات، كما قرأت سابقاً فإن البرنامج لا ينتهي عند النهاية، ويجب تقييم أية نقاط ضعف وقوة، والأهم من ذلك توثيقها بحيث يمكن تنفيذ البرامج المستقبلية بتكلفة أقل.

دور الثقافة التنظيمية في التغييرات

إن الثقافة التنظيمية من أهم العوامل التي تؤثر على نجاح التغييرات التنظيمية، ولهذا يجب على المدراء تقييم ثقافة المنظمة قبل بدء التغييرات – وخاصةً التغييرات الأكبر – وإجراء التغييرات اللازمة عند الحاجة. تعريف الثقافة التنظيمية يبين أهميتها بوضوح: فالثقافة التنظيمية هي طريقة إنجاز الأعمال في المنظمة، وهذه الثقافة لا تشير إلى الممارسات والإجراءات، فعلى سبيل المثال لا يشير تحديد موعد التدقيق المالي أو الأدوات العملية إلى ثقافة المنظمة، إلا أن الجو وكيفية إنجاز الأعمال هو ما يشير إليها، فالمرونة أو الصرامة بشأن وقت حضور الموظفين إلى العمل هي أحد جوانب الثقافة التنظيمية.

بهذا التعريف المختصر ربما تكون قد أدركت أهمية الثقافة التنظيمية في عملية التغيير، ومع ذلك وبشكل أدق فإن أهم ارتباط بين هذين المصطلحين هو يُرى في مدى القدرة على التكيف، فإن كانت هناك ثقافة قدرة على التكيف في المنظمة فستنخفض مقاومة التغيير إلى أدنى حد، خاصةً وأن سرعة التقدم التكنولوجي تجبر المنظمات على إجراء تغييرات متتالية.

العامل المحدد التالي هو كفاءة التواصل، فكلما كانت ثقافة التواصل أمثلية أكثر في الشركة كان إجراء التغييرات أبسط، وسيكون جزء من الثقافة التنظيمية ممكناً من خلال تحديد القنوات وإصلاح طرق التواصل، فعلى سبيل المثال إذا تم إجراء استبيان تفاعل الموظفين أو تقييم الاستعداد للتغيير بشكل احترافي فسيتم تسهيل التواصل، وأخيراً ضع باعتبارك أن آثار الثقافة التنظيمية على التغييرات التنظيمية ذات اتجاهين، أي تماماً كما تؤثر الثقافة على نجاح التغييرات فإن بإمكان التتغييرات بحد ذاتها خلق ثقافة جديدة أو إجراء تحولات في بيئة العمل السابقة.

بعض الأمثلة عن التغييرات التنظيمية المدهشة

مايكروسوفت، تجزئة وتضارب الأهداف

في عام 2014 عندما تم انتخاب ساتيا ناديلا الهندي رئيساً تنفيذياً لشركة مايكروسوفت كانت الشركة تواجه أزمة تنظيمية خطيرة، ففي تلك السنوات كان نظام التشغيل ويندوز وبرامج أوفيس من المنتجات الناجحة لهذه الشركة، لكن شركات أخرى مثل جوجل كانت تهدد حصتها في السوق بشدة، وكانت أكبر مشكلة تواجه مايكروسوفت هي اعتمادها على هذين المنتجين في حين لم تتطور الأجزاء الأخرى كثيراً.

أدرك ناديلا أن هذا الركود كان بسبب المنافسة غير الصحية فيما بين مختلف الأقسام، لهذا فمن خلال تكامل الأهداف وإعادة تعريف البنية التنظيمية كانت جميع الأقسام تتنافس مع الشركات الخارجية في السعي لتحقيق رؤية واحدة، وكانت نتيجة هذه الرؤية الجديدة مثلاً هي تكامل مجموعة البحث مع فرق بينغ وكورتانا ومنصة المعلومات مما أدى إلى عمل 500 متخصص في مجال الذكاء الاصطناعي على جميع منتجات مايكروسوفت.

جوجل ومظلة ألفابيت

كانت القوة الدافعة للتغييرات التنظيمية في جوجل هي الحجم المفرط، فقد نما عملاق التكنولوجيا العالمي إلى حجم بدا من المستحيل إدارته، واختلاف نشاط هذه الشركة في مجالات الصحة والسيارات ذاتية القيادة والساعات والمنازل الذكية إلى جعل لاري بيتش يتوصل إلى نتيجة بأنه ينبغي تقسيم الشركة إلى أجزاء مختلفة، وبهذا تحولت جوجل إلى شركة أكبر تسمى ألفابيت، وتم تشكيل أقسام مختلفة بإدارة وتخطيط فريدين من نوعهما.

الخطوط الجوية البريطانية ومنظمة من عدة آلاف من الأشخاص

في عام 1974 تشكلت الخطوط الجوية البريطانية من اندماج أربع شركات، وفي تلك السنوات كان مدراء هذه الشركة يعتقدون أن وجود 215 طائرة و60 ألف موظف تحت تصرفهم سيقودهم إلى قمة صناعة الطيران في العالم، لكن مع حدوث أزمة النفط في سبعينيات القرن العشرين ووجود قوى عاملة غير فعالة وأكثر من اللازم ذهب جزء كبير من رأس مال هذه الشركة في مهب الريح.

مع بداية العقد التالي اكتسبت الخطوط الجوية البريطانية شهرة في الخدمة السيئة، لكن هذا تغير مع تغيير الإدارة، فقد قام الرئيس التنفيذي الجديد لورد كينج بتسريح حوالي 20 ألف موظف واستخدم الأرباح الناتجة عن هذا في تحديث أسطوله، وبالإضافة إلى هذا فقد تم إجراء تغييرات كبيرة في بنية إدارة هذه الشركة، وفي أهم خطوة تم تغيير خطط تسويق الشركة. خلال عقد من الزمن حوَّل كينج الخطوط الجوية البريطانية إلى الشركة الأكثر ربحية في هذا المجال من خلال زيادة الشفافية وتحسين الثقافة التنظيمية في مجال التواصل.

التغيير التنظيمي باختصار

التغيير ليس أمراً سهلاً، فنحن جميعاً نميل إلى التمسك بطريقة عمل متكررة، وهذا التمسك سيمنحنا الفرصة لإدارة أفضل، ومع ذلك لا يوجد خيار سوى التغيير أحياناً، لكن كيفية اجتياز هذه المرحلة بأمان ومدى قدرتنا على مواجهة الظروف الجديدة سيعتمدان على إمكانات إدارتنا لقبول التغيير وتطبيقه، وأثناء المضي في هذه العمليات فإن استخدام برنامج بُرس لاين سوف يرسم بلا شك رؤية أوضح للوضع الحالي والمستقبلي ويقلل من تكاليف تنفيذ التغييرات.