إن الشركات التي ترغب بالتكيف مع الظروف الجديدة في الوقت الحاضر وبأن تكون أكثر إبداعاً تواجه العديد من التحديات، لكن أحد أهم هذه التحديات هو ايجاد التغيير التنظيمي وخلق ثقافة التغيير التنظيمي بين موظفيها.
في دراسة منشورة خلصت كريستين أناكليتو إلى أنه إذا تم تنفيذ خطوات التغيير التنظيمي بشكل صحيح فيمكننا التفاعل بشكل أفضل مع الموظفين وإشراكهم بطريقة إيجابية وكذلك تقليل تكاليف التغيير في النواة الأصلية للعمل.
تتشكل الثقافة بين الأفراد، وببساطة يمكن القول إن الثقافة هي الفكر والمعتقدات والسلوك المشترك لعدد من الأشخاص الذين يعملون أو يعيشون معاً. ومع هذا التعريف الأولي يمكننا القول إن الثقافة التنظيمية تتكون من تركيب كلمتين هما الثقافة والتنظيم.
ثقافة المنظمة أم منظمة ثقافية، هل هذا هو السؤال؟ تتشكل ثقافة أية منظمة من النقاط المشتركة لتفكير أفراد المنظمة ووجهات نظرهم وسلوكهم. على الرغم من أن العديد من المنظمات تحاول فرض ثقافة معينة على المنظمة إلا أنه يجب الاعتقاد بأن الثقافات تتشكل عادة من خلال الجمع بين وجهات النظر من الأعلى للأسفل وبالعكس في المنظمات.
تختلف ثقافة المنظمات عن بعضها بعضاً. ويمكن القول إنه لا يمكن العثور على منظمتين لهما نفس الثقافة التنظيمية (حتى لو امتلكتا نهجاً فكرياً واحد). لكن لماذا الثقافة التنظيمية مهمة؟ يبدو أن المنظمات التي لديها ثقافة تنظيمية صحيحة ومناسبة تحظى بمزيد من الاهتمام ويهتم مزيد من الأشخاص بالعمل في تلك المنظمات.
ومن المثير للاهتمام هنا أنه بصرف النظر عن الثقافات المختلفة للمنظمات المختلفة فإن ثقافات الأجزاء المختلفة للمنظمة ليست هي نفسها. فعلى سبيل المثال قد تكون ثقافة قسم الانضباط والأمن في المنظمة جادة وجافة في حين أن ثقافة قسم العلاقات العامة قد تكون ودية.
بالطبع بالإضافة إلى النظرة العامة للثقافات وتصنيفها فإن هناك نماذج علمية وتصنيفات أكثر دقةً للثقافة التنظيمية سوف نقوم بإيضاحها في هذه المقالة.
Table of Contents
لماذا يجب أن نخلق ثقافة من أجل التغيير في المنظمة؟
تتشكل الثقافة التي تحكم المنظمة على امتداد سنوات طويلة. ويمكن لكل شخص كعامل مؤثر أن يكون له تأثير على ثقافة المنظمة مهما كان هذا التأثير صغيراً.
لذلك فإن إحداث تغيير في المؤسسة ليس بالمهمة السهلة. لنفترض أن شخصاً ما لم يكن يولي اهتماماً بأوقات الدخول والخروج للعمل لسنوات عديدة. فإذا ما أردت تحديد ساعات عمل منتظمة لموظفي هذه المنظمة فمن المحتمل أن تواجه الكثير من الاعتراضات.
التغيير صعب دائماً لأن الناس عادة ما يعتادون على الوضع الحالي. في الواقع إن ترك ملاذ آمن ودراسة الوضع الجديد والتغيير لتحقيق أهداف جديدة ليس بالمهمة السهلة عادةً. إذا كنت ترغب بإحداث تغيير في المنظمة فعليك أن تحاول إنشاء ثقافة لهذا التغيير.
عادة ما يبدأ بناء الثقافة بالتعليم وإعطاء المعلومات. حيث يمكن لشرح فوائد القرارات الجديدة وإيجابياتها أن يساعد في بناء ثقافة جديدة. إذا كانت التغييرات في قسم صغير من المنظمة فقط فإن العمل يكون أبسط، أما إذا كان من المقرر أن يشمل التغيير كامل المنظمة فإن المراحل ستكون أكثر تعقيداً.
إن إنشاء ثقافة جديدة يستلزم معرفة الثقافة الحالية للمنظمة. وكلما كانت لديك معرفة أكثر دقة بالثقافة الفعلية للمنظمة كلما كان بإمكانك الاستعداد لتغيير الثقافة بشكل أفضل. فالثقافة مفهوم جماعي ولا يمكن الوصول إلى النتيجة المرغوبة بتغيير شخص واحد أو عدة أشخاص.
التغيير في المنظمة يحتاج إلى قيادة وإدارة. وكل تغيير يحتاج إلى شخص يقبل بالتغيير المطلوب من كل جوارحه. إذا كنت ترغب بالبدء في إنشاء ثقافة التغيير التنظيمي في المنظمة فأنت بحاجة إلى شخص أو مجموعة من الأشخاص يمكنهم أداء مهمة قيادة التغيير في المنظمة وإدارته بشكل جيد.
ماهو نموذج 7S ماكينزي (McKinsey 7s) وكيف يساعد في خلق ثقافة التغيير التنظيمي؟
على الرغم من استخدام مصطلحَي القيادة والإدارة بنفس المعنى في كثير من الحالات إلا أنه ينبغي القول إن القيادة تشير أكثر إلى اكتساب المعرفة والبصيرة عن الوضع الحالي والتخطيط الدقيق للمستقبل وفقاً للظروف، هذا بينما تركز الإدارة بشكل أكبر على تنفيذ التغيير وكيفية القيام به.
أحد النماذج المستخدمة لتقييم المنظمات بدقة هو نموذج 7S ماكينزي (McKinsey 7s). ويتكون هذا النموذج من جزأين رئيسيين هما الأنظمة الصلبة واللينة. الجزء الصلب يتضمن البنية (Structure) والاستراتيجية (Strategy) والأنظمة (Systems) في حين أن الجزء اللين يتضمن المهارات (Skills) والموظفين (Staff) والأسلوب (Style). القيم المشتركة (Shared values) هي المكوِّن السابع وتشكِّل القاسم المشترك بين جزأي هذا النموذج.
يمكن استخدام هذا النموذج لدراسة الثقافة التنظيمية ووضعها وشرحها. ورغم أنه لم يتم تصميم نموذج 7S بشكل مباشر لصياغة الثقافة التنظيمية إلا أنه من الممكن الحصول على رؤية دقيقة للمنظمة باستخدام أجزائه.
ببساطة يمكن القول إن ثقافة المنظمة تتكون من مجموع البنية والاستراتيجية والأنظمة والمهارات والموظفين والأسلوب والقيم المقترحة. ويمكن تقييم ثقافة أية منظمة بهذه المكونات السبعة. سنقوم فيما يلي بإلقاء نظرة عامة على المكونات السبعة لنموذج ماكينزي.
إذا كنت ترغب بإعداد المنظمة للتغيير وتريد إنشاء ثقافة التغيير التنظيمي بهدف تغيير الثقافة التنظيمية فيمكنك استخدام نموذج ماكينزي. لإنشاء ثقافة جيدة ومناسبة لمنظمتك يجب الانتباه إلى النقاط التالية:
- الاستراتيجية: المكوِّن الأول والأهم في أية منظمة هو الاستراتيجية. قد لا يبدو أن لدى منظمة ما استراتيجية معينة، لكن جميع المنظمات تمتلك استراتيجية خاصة بها. ولبدء التغيير فإنك بحاجة إلى التحقق مما إذا كان التغيير يتماشى مع استراتيجية منظمتك وأعمالك أم لا؟ إذا كان التغيير أو التغييرات لا تتماشى مع استراتيجيتك فيجب عليك أولاً تغيير الاستراتيجية. والطريقة الأخرى هي جعل التغييرات تتماشى مع استراتيجية أعمالك.
- البنية: وهي عبارة عن مجموعة من القواعد واللوائح التي شكلت منظمتك. حيث تحدد بنية المنظمة كيفية ترتيب مكونات المنظمة وأفرادها وتُظهر القواعد التي تحكم التفاعلات بين أجزاء المنظمة. إنها تحدد ما يجب وما لا يجب على كل قسم في المنظمة فعله. ولإنشاء ثقافة التغيير التنظيمي لإجراء تغييرات في المنظمة فإنك تحتاج إلى التحقق مما إذا كانت التغييرات تتماشى مع البنية الحالية للمنظمة أم لا؟
- الأنظمة: يتم تنفيذ عمليات المنظمة مع مجموعة متنوعة من الأنظمة مثل الأنظمة المالية وأنظمة الحضور والغياب والأنظمة التشغيلية والتنفيذية داخل وخارج المنظمة وغيرها. الخطوة التالية هي مراجعة الأنظمة بعناية. إذا تقرر إحداث تغييرات فما هي الأنظمة التي يجب تغييرها وإلى أي مدى؟ وما هو البرنامج الذي يجب العمل عليه من أجل إحداث تغيير الأنظمة؟
- الأساليب: لكل منظمة في كل مستوى منها أسلوب معين. فعلى سبيل المثال ما هو أسلوب قيادة المنظمة؟ كيف يتفاعل الموظفون مع أسلوب القيادة هذا؟ إذا كنت تريد تغيير أسلوب قيادة المنظمة فما هي المجموعة أو المجموعات المتأثرة بهذا التغيير؟
- الموظفون: الموظفون جزء مهم من المنظمة. ففي نهاية الأمر يتعين على الموظفين إجراء التغييرات. لكن السؤال المهم هو هل الموظفون الحاليون جاهزون للتغيير؟ هل هؤلاء الموظفون بهذه المهارات مناسبون لتحقيق أهداف التغيير التنظيمي؟
- المهارات: تنقسم مهارات المنظمة إلى فئتين: المهارات الفردية والتنظيمية. مهارات الأفراد في المنظمة ومهارات المنظمة تحدد مدى نجاح المنظمة في تحقيق أهدافها. يجب فحص وتقييم مهارات المنظمة والأفراد في المنظمة لتحديد المهارات المناسبة وأي المهارات يجب تغييرها؟
- القيم المشتركة: أخيراً يجب تحديد قيمة مشتركة لأي تغيير. بناء الثقافة ليس ممكناً دون قيمة مشتركة. فالقيمة المشتركة تحدد القيمة التي يخلقها التغيير للمنظمة والقيمة التي تخلقها للأشخاص داخل المؤسسة وخارجها. وهذا سيجعل قبول التغيير أسهل.
كيف نؤسس ثقافة التغيير التنظيمي؟
هناك طرق ونماذج متنوعة لقياس مدى استعداد الأفراد في المنظمة للتغيير. ويُعد نموذج ادكار(ADKAR) من أكثر النماذج قياسيةً للقيام بقياس الجاهزية للتغيير. يتكون هذا النموذج من خمس كلمات رئيسية هي الوعي (Awareness) والرغبة (Desire) والمعرفة (Knowledge) والقدرة (Ability) والتعزيز (Reinforcement).
لمعرفة المزيد عن نموذج ادكار لإدارة التغيير وكيف يساعد في قياس ثقافة التغيير التنظيمي سوف نقوم بدراسة أقسامه:
- الوعي: في هذا القسم يتم تقييم وعي الناس بالتغيير. حيث يفحص هذا القسم أربع نقاط رئيسية حول التغيير.
- ما هي التغييرات الفعالة لأعمال المنظمة وما هي التغييرات غير الفعالة من أجل هذه الأعمال؟
- ما هي الأسئلة المتمحورة حول التغيير؟
- يبدأ كل تغيير عادة بتحديد مشكلة معينة، فما هي مشكلة المنظمة أو مشاكلها في الوقت الحالي؟
- تحديد أولويات أهم أسباب التغيير والتركيز على أهم سبب للتغيير.
- الرغبة: بعد الوعي يجب حث الموظفين على التغيير. يجب مراعاة ما يلي لخلق الرغبة.
- التحدث عن فوائد التغيير الرشيق
- المراجعة الدقيقة للمخاطر والمشاكل التي تعترض التغيير
- اتخاذ خطوات للتغيير
- فحص المخاوف الحالية من أجل التغيير
- المعرفة: يتم فحص كيفية التغيير في هذه المرحلة.
- تعلُّم مهارات جديدة مطلوبة للتغيير
- تعلُّم طريقة التفكير الجماعي من أجل التغيير
- تعلُّم جدولة المواعيد والوقت من أجل التغيير
- تعلُّم تبادل المعرفة
- وضع أهداف ذات أسباب محددة للتغيير
- القدرة: في مرحلة القدرة نحدد القدرات اللازمة للتغيير.
- وضع إطار قانوني للتغيير.
- التدرب على الأساسيات اللازمة للتغيير.
- البدء من أمور صغيرة.
- عدم القيام بأي أمر بشكل سري حتى كي يتمكن الجميع من ترقية قدراتهم.
- ضبط العمليات بحيث تتماشى مع التغييرات الرشيقة.
- التعزيز: عادة ما يواجه أي تغيير مقاومة من أفراد المنظمة. يمكن استخدام التعزيزات لإشراك المزيد من الأشخاص.
- تقديم المدراء الرشيقين على أنهم أبطال التغيير.
- تشارُك خبرات الأشخاص في التغيير الرشيق مع الأشخاص الآخرين في المؤسسة.
- عليك أن تتعلم من الأخطاء. في الواقع يجب أن تدع الناس يرتكبون الأخطاء ويتعلمون منها.
توضح مراحل نموذج ادكار (ADKAR) أنه من أجل التغيير يجب أن يتم إعداد المنظمة في خمس مراحل عامة. لنفترض أنك تريد إجراء تغيير صغير أو كبير في المنظمة فإن وعي أعضاء المنظمة هو القضية الأولى والأكثر أهمية التي يجب مراعاتها.
المسألة التالية هي ما إذا كان الموظفون في المنظمة يرغبون بالتغيير أم لا. وبعد ذلك يجب تحديد مدى معرفة الناس بالتغيير؟ هل يعرفون ما هو هذا التغيير؟ ما هي تأثيراته على المنظمة أو شركة الأعمال؟ والعديد من الأسئلة الأخرى. في المرحلة التالية يجب فحص ما إذا كانت لدى الأشخاص القدرات اللازمة على التغيير أم لا؟ وأخيراً يجب أن تحاول إضفاء عنصر الإثارة التحفيز على الموضوع مثل المكافآت وشهادات الشكر بحيث تتشكل ثقافة التغيير التنظيمي لدى الأشخاص ويصبحون مهتمين أكثر فأكثر بالتغيير وأقل مقاومة له.
لكنك بحاجة إلى استبيان للتحقق من مدى استعداد المنظمة وموظفيها للتغيير في هذه الجوانب الخمسة. حيث تحتاج إلى إعطاء نموذج استبيان ادكار لجميع العاملين المشاركين في التغيير فرداً فرداً ودراسة نتائجه.
النتيجة
تمر المنظمات وشركات الأعمال بمراحل مختلفة على مر السنين للوصول إلى بنية مستقرة. لذلك فإن التغييرات الصغيرة أو الكبيرة في البنية التي تم تشكيلها وتحويل هذا الأمر إلى ثقافة تنظيمية ليس بالمهمة السهلة. من السهل تقييم مدى استعداد الأفراد للتغيير باستخدام مجموعة متنوعة من النماذج المصممة من أجل التغيير التنظيمي وثقافة التغيير التنظيمي. وأيضاً باستخدام هذه النماذج يمكن التخطيط لمسار تنفيذ التغييرات التنظيمية وبناء ثقافة التغيير التنظيمي.
يمكن أن يساعد استخدام أدوات الاستبيان الإلكتروني المتطورة مثل بُرس لاين في تسريع دراسة وتحليل استعداد المنظمة للتغيير. حيث يُعد إنشاء الاستبيان الإلكتروني ونشره من أهم خدمات بُرس لاين التي يمكن استخدامها في تصميم نموذج استبيان ادكار.